شارك الآن

لم تكن زيارتي الأخيرة للشارع الرئيسي في حينا عادية، ففي أثناء انتظاري لأحد أصدقائي، أثار فضولي بعض الفتية الملتفين حول شخص، و مناداته بــ "نيتشه". لم أستطع حينها إلا التوجه لرؤية ذاك الشخص الملقب بــ "نيتشه"، نيتشه ذاك الفيلسوف الألماني الذي ارتبطت معه بشده، وخصوصاً بإحدى عبارته التي لازمتني أربعة سنوات طيلة مشاركتي في الحركة الطلابية داخل الجامعة "قل كلمتك وحطم نفسك إلى شظايا".

لكنني للأسف صدمتُ بما رأيت، نيتشه "زلمة على البركة" أو كما يقال "سارحة والرب راعيها"، يعبر نيتشه عن رفضه للمارسات السيئة من الفتية ، بــ "شلح بنطاله"، كسلاح أخير يستخدمه لإثارة خجلهم، حتى يرحلوا عنه أو لا يرحلون إلا عندما يحققوا هدفهم، نيتشه ليس سبق تدويني عثرت عليه، فأمثال نيتشه منتشرة في كل منطقة وكل حي.

لكن ما دعاني للتفكير قصة في كتاب باولو كويلو فيرونيكا تقرر أن تموت صــــفـــ37ــة :

 

من أهل القرية، ومن الحاكم!

هل نيتشه حينا هو الحاكم الذي رفض شرب الماء، ونحن أهل القرية الذين شربنا من البئر. قد تتجلى الفكرة المطروحة بعبرة عظيمة قد لا ندركها إلا إذا عكسنا الأدوار، فالاختلاف حتى ولو على الحق جنون في مقياس المجتمع. إذاً لا بد من مقياس إلهي يؤمن به المجتمع حتى تتوحد البوصلات، وتتوحد الآراء.

ففي المجتمع حالياً، الصادق مجنون، والمجاهد لا مبالي، والطيب أهبل، والظالم أسد. إذاً الخيار مفتوح أمامك إما أن تشرب من ماء البئر "وإذا انجنوا ربعك، إنجن معاهم" أو تبقى بعقلك حتى لو اتهمت بالجنون.

ودمتم يا مجانين الأمة، نبراساً في سبيل النهضة.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
CAPTCHA