شارك الآن

"ولقد اتخذت قراراً أريدكم جميعاً أن تساعدوني عليه. لقد قررت أن أتنحى تماماً ونهائياً عن أي منصب رسمي وأي دور سياسي، وأن أعود إلى صفوف الجماهير أؤدي واجبي معها كأي مواطن آخر، إن قوى الاستعمار تتصور أن جمال عبد الناصر هو عدوها، وأريد أن يكون واضحاً أمامهم أنها الأمة العربية كلها وليس جمال عبدالناصر."

بهذه الكلمات أعلن الراحل جمال عبد الناصر عن نيته الاستقالة من منصبه كرئيسٍ لجمهورية مصر العربية بعد الهزيمة النكراء في حرب حزيران 1967، بما سميَ بالنكسة.

لا نريد الخوض في تفاصيل المعركة ولا أسباب تلك الهزيمة، ودعنا ننظر إلى ردة فعل الشارع العربي على حدث استقالة رئيس الجمهورية العربية الموحدة، هل استقال عبد الناصر؟ أم استقال مشروع الوحدة العربية؟

فعلى الرغم من أن الوضع العربي كان في أسوأ مراحله باحتلال كامل الأرض الفلسطينية، والجولان، وسيناء، إلا أنهم خرجوا جميعاً رافضين الاستيقاظ من أحلامهم … ليعلنوا جميعاً على الرغم من الإخفاق الواضح بأن الوحدة العربية ليس مشروع جمال عبد الناصر وحده، بل هو إرادة كل مواطن عربي شريف.

عاد بعدها جمال عبدالناصر ليتولى منصبه كرئيس للجمهورية المصرية تحت ضغط الشعب، وتحت تأثير حلم الوحدة العربية، لم يستطع الشعب ولا زعيمهم الاستيقاظ من ذاك الحلم.

ليُعيدَ التاريخ نفسه وبصيغة جديدة، ومع التخاذل العربي الرسمي برعاية جامعة الصمت العربي .

فيعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن عدم رغبته خوض غمار العملية الانتخابية المقبلة!

"إخوتي أخواتي … يا أبنائي شعبي … لقد أبلغت الإخوة في اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة فتح بعدم رغبتي بترشيح نفسي لانتخابات الرئاسة القادمة، وهذا القرار ليس من باب المساومة أو المناورة أو المزاودة إطلاقاً. وإنني إذ أقدر للإخوة أعضاء القيادتين ما عبروا عنه من مواقف فإنني آمل منهم تفهم رغبتي هذه علماً بأن هنالك خطوات أخرى سأتخذها في حينه."

لنعيد السؤال مرة آخرى، هل استقالَ محمود عباس ؟ أم استقال مشروع الدولتين!

دعنا نتطرق إلى الردود الشعبية كما تطرقنا لها سابقاً ، لتكون ردود شعبية متواضعة للغاية تطالب الرئيس بالعدول عن قراره، وقفات تضامن في رام الله لا أكثر.

في 1967 استقال عبد الناصر لأنه اعتقد أن الحرب الصهيونية العربية تمثلت بشخص جمال عبد الناصر، فلماذا قرر صديقنا عباس الابتعاد عن الحياة السياسية!

هل اكتشف عباس أخيراً بأن حل الدولتين ليس هو الحل الأنسب كما روجت له حركة المقاومة الاسلامية حماس التي تعاني من التهابات حادة في القرارات في ظل السياسة المراهقة التي تتخذها الحركة كون الحركة أعلنت وقبل فترة ليست بالبعيدة بتسوية على حدود 1967، أم هو نوع من الضغط على الرسول الجديد أوباما – رضي العرب عنه ، كون الاستقالة تعني القضاء على العملية السياسية التي تسعى ادارة أوباما لتفعيلها.

أم هو نوع من اشغال الشارع بعدما فضح أمر سحب تقرير غولدستون، أم أن الذكرى الخامسة لرحيل الشهيد القائد ياسر عرفات أريد لها أن تكون بسطر في خطاب محمود عباس، أم هو نوع للضغط على الأصوات المعارضة في حركة فتح التي تعتبر بذور الإصلاح والتغيير التي تبناها المؤتمر السادس ما زال في المهد. 

كلها تأويلات ، وتوقعات الزمن وحده الكفيل نفيها أو تأكيدها، أما الأمر الذي أعتقد أني أستطيع أن أجزم به، هو أن عقيدة كل عربي، وكل فلسطيني، لا تؤمن سوى بفلسطين من النهر إلى البحر.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
CAPTCHA